بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
فصل
فى منع الجان ومردة الشياطين من استراق السمع
حين انزل القران لئلا يختطف احدهم منه
ولو حرفاً واحداً فيلقيه على لسان وليه
فيلتبس الأمر ويختلط الحق
كان من رحمة الله وفضله ولطفه بخلقه أن حجبهم عن السماء كما قال تعالى إخباراً عنهم فى قوله " وأنا لمسنا السماء فوجدناها ملئت حرساً شديداً وشهبا. وأنا كنا نقعد منها مقاعد للسمع من يستمع الآن يجد له شهاباً رصدا .أنا لا نرى أشرٌ أريد بمن فى الأرض أم أراد بهم ربهم رشدا "
وقال تعالى " وما تنزلت به الشياطين. وما ينبغى لهم وما يستطيعون . إنهم عن السمع لمعزولون "
قال الحافظ بن نعيم حدثنا سليمان بن احمد _ وهو الطبرانى _ حدثنا عبد الله بن محمد بن سعيد بن أبى مريم حدثنا محمد بن يوسف الفريابى حدثنا إسرائيل عن أبى إسحاق عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : كان الجن يصعدون إلى السماء يستمعون الوحى فإذا حفظوا كلمه زادوا فيها تسعاً فأما الكلمه فتكون حقاً وأما ما زادوا فتكون باطلاً ، فلما بعث النبى _ صلى الله عليه وسلم _ منعوا مقاعدهم فذكروا ذلك لإبليس ولم تكن النجوم يرمى بها قبل ذلك ، فقال لهم إبليس : هذا لأمر قد حدث فى لأرض فبعث جنوده فوجدوا رسول الله _ صلى الله عليه وسلم _ قائماً يصلى بين جبلين فأتوه فأخبروه ، فقال : هذا الأمر الذى قد حدث فى الأرض.
وقال أبو عوانة عن أبى بشر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس. قال : انطلق رسول الله _ صلى الله عليه وسلم _ وأصحابه عامدين إلى سوق عكاظ وقد حيل بين الشياطين وبين خبر السماء وأرسلت عليهم الشهب فرجعت الشياطين إلى قومهم فقالوا ما لكم؟ قالوا: حيل بيننا وبين خبر السماء وأرسلت علينا الشهب ، فقالوا: ماذلك إلى من شئ حدث فاضربوا مشارق الأرض ومغاربها، فمر النفر الذين أُخذوا نحو تُهامة وهو ابن نخله عامدين إلى سوق عكاظ وهو يصلى بأصحابه صلاة الفجر فلما سمعوا القرآن استمعوا له فقالوا: هذا الذى حال بيننا وبين خر السماء فرجعوا إلى قومهم فقالوا: " إنا سمعنا قرآناً عجبا.يهدى إلى الرشد فأمنا به ولا نشرك بربنا أحداً " ( أخرجاه فى الصحيحين)
وقال أبو بكر بن أبى شيبه حدثنا محمد بن فضل عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جُبير عن ابن عباس .قال: إنه لم تكن قبيله من الجن إلا وله مقاعد للسمع فإذا نزل الوحى سمعت الملائكه صوتاً كصوت الحديده ألقيتها على الصفا ، قال فإذا سمعت الملائكه خروا سجداً فلم يرفعوا رؤسهم حتى ينزل فإذا نزل قال بعضهم لبعض : ماذا قال ربكم؟ فإن كان مما يكون فى السماء قالوا : الحق وهو العلى الكبير ، وإن كان مما يكون فى الأرض من أمر الغيب أو الموت أو شئ مما يكون فى الأرض تكلموا به فقالوا: يكون كذا وكذا فتسمعه الشياطين فينزلونه على أوليائهم ، فلما بعث النبى محمد _ صلى الله عليه وسلم- دُحروا بالنجوم فكان أول من علم بها ثقيف، فكان ذو الغنم منهم ينطلق إلى غنمه فيذبح كل يوم شاة،وذو الإبل فينحر كل يوم بعير، فأسرع الناس فى أموالهم فقال بعضهم لبعض: لا تفعلوا، فإن كانت النجوم التى يهتدون وإلا فإنه لأمر حدث، فنظروا فإذا هى النجوم التى يُهتدى بها كما هى لم يزل منها شئ فكفوا بها ، وصرف الله الجن فسمعوا القرآن فلما حضروه قالوا: أنصتوا، انطلقت الشياطين إلا إبليس فأخبروه، فقال: هذا حدث فى الأرض فأتونى من كل أرض بتربة فأتوه بتربة تهمامه فقال: هنا الحدث.
ورواه البهقى والحاكم من طريق حماد بن سلمه عن عطاء بن السائب. وقفال الواقدى: حدثنا أسامه بن زيد بن أسلم عن كعب قال: لم يرم بنجم منذ رفع عيسى حتى تنبأ رسول الله-صلى الله عليه وسلم- فرمى بها فرأت قريش أمرأً لم تكن تراه، فجعلوا يسبون انعامهم ويعتقون ارقاءهم يظنون أنه الفناء، فبلغ ذلك من فعلهم أهل الطائف، ففعل الثقيف مثل ذلك فبلغ عبد ياليل بن عمرو ما صنع الثقيف. قال:ولما فعلتم ما أرى؟ قالوا: رمى بالنجوم فرأيناها تهافت من السماء، فقال: إن إفادة المال بعد ذهابه شديد فلا تعجلوا وانظروا، فغن تكن نجوماً تعرف فهو عندنا من فناء الناس وإن كانت نجوماً لا تعرف فهو لأمر قد حدث، فنظروا فإذا هى لا تعرف، فأخبروه فقال: لأمر فيه مهله بعد هذا عند ظهور نبى.
فما مكثوا إلا يسيراً حتى قدم عليهم أبى سفيان بن حرب إلى أمواله فجاء هبد ياليل فذاكره أمر النجوم فقال أبو سفيان: ظهر محمد بن عبد الله يدعى أنه نبى مرسل ، فقال عبد ياليل : فعند ذلك رمى بها.
وقال سعيد بن منصور عن خالد بن حصيل عن عامر الشعبى.قال: كانت النجوم لا يرمى بها حتى بعث رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فسيبوا أنعامهم وأعتقوا رقيقهم. فقال عبد ياليل أنظروا فإن كانت النجوم التى تعرف فهو عند فناء الناس وإن كانت لاتعرف فهو لأمر قد حدث، فنظروا فإذا هى لاتعرف. قال: فأمسكوا فلم يلبسوا إلا يسيراً حتى جاءهم خروج النبى -صلى الله عليه وسلم-
وروى البيهقى والحاكم من طريق العوفى عن ابن عباس قال: لم تكن ثناء الدنيا تحرس فى الفترة بين عيسى ومحمد صلوات الله عليهما وسلامه. فلعل مراد من نفى ذلك أنها لم تكن تحرس حراسه شديدة، ويجب حمل ذلك على هذا لما ثبت فى الحديث من طريق عبدالرزاق عن معمر عن الزهرى عن على بن الحسي عن بن عباس- رضى الله عنهما-، بينا رسول الله-صلى الله عليه وسلم - جالس إذ رمى بنجم فاستنار فقال ( ما كنتم تقولون إذ رمى بهذا ؟ ) قال: كنا نقول: مات عظيم ، وولد عظيم فقال (لا ، ولكن )
وقال الواقدى : حدثنى محمد ابن صالح عن ابن ابي حكيم -يعنى اسحاق عن عطاء بن يسار عن ابى هريرة قال: لما بعث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- اصبح كل صنم منكسا، فأتت الشياطين فقالوا له: ما على الأرض من صنم إلا وقد أصبح منكسا ، قال: هذا نبى قد بعث فالتمسوه فى قرى الأرياف فالتمسوه فقالوا: لم نجده فقالوا: أنا صاحبه، فخرج يلتمسه فنودي، عليك بجنبة الباب يعنى مكة فالتمسه بها فوجده بها عند قرن الثعالب ، فخرج إلى الشياطين فقال إنى قد وجدته معه جبريل فما عندكم؟ قالوا:نزين الشهوات فى عين أصحابه ونحببها إليهم، قال فلا آسى إذاً.
قال الوقيدى: وحدثنى طلحه بن عمرو عن عطاء عن ابن عباس: كانت الشياطين يستمعون الوحى فلما بعث محمد -صلى الله عليه وسلم- منعوا فشكوا ذلك إلى إبليس فقال: لقد حدث أمر، فرقى فوق أبى قبيس وهو أول جبل وضع على وجه الأرض فرأ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصلى خلف المقام . فقال : أذهب فأكسر عنقهم. فجاء يخطر وجبريل عنده ، فركده جبريل ركده طرحه فى كذا وكذا، فولى الشيطان هارباً .
ثم رواه الواقدى وأبو أحمد الزبيرى كلاهما عن رباح ابن ابى معروف عن قيس بن سعد عن مجاهد وذكر مثل هذا وقال فركده برجله فرماه بعيداً
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
فصل
فى منع الجان ومردة الشياطين من استراق السمع
حين انزل القران لئلا يختطف احدهم منه
ولو حرفاً واحداً فيلقيه على لسان وليه
فيلتبس الأمر ويختلط الحق
كان من رحمة الله وفضله ولطفه بخلقه أن حجبهم عن السماء كما قال تعالى إخباراً عنهم فى قوله " وأنا لمسنا السماء فوجدناها ملئت حرساً شديداً وشهبا. وأنا كنا نقعد منها مقاعد للسمع من يستمع الآن يجد له شهاباً رصدا .أنا لا نرى أشرٌ أريد بمن فى الأرض أم أراد بهم ربهم رشدا "
وقال تعالى " وما تنزلت به الشياطين. وما ينبغى لهم وما يستطيعون . إنهم عن السمع لمعزولون "
قال الحافظ بن نعيم حدثنا سليمان بن احمد _ وهو الطبرانى _ حدثنا عبد الله بن محمد بن سعيد بن أبى مريم حدثنا محمد بن يوسف الفريابى حدثنا إسرائيل عن أبى إسحاق عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : كان الجن يصعدون إلى السماء يستمعون الوحى فإذا حفظوا كلمه زادوا فيها تسعاً فأما الكلمه فتكون حقاً وأما ما زادوا فتكون باطلاً ، فلما بعث النبى _ صلى الله عليه وسلم _ منعوا مقاعدهم فذكروا ذلك لإبليس ولم تكن النجوم يرمى بها قبل ذلك ، فقال لهم إبليس : هذا لأمر قد حدث فى لأرض فبعث جنوده فوجدوا رسول الله _ صلى الله عليه وسلم _ قائماً يصلى بين جبلين فأتوه فأخبروه ، فقال : هذا الأمر الذى قد حدث فى الأرض.
وقال أبو عوانة عن أبى بشر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس. قال : انطلق رسول الله _ صلى الله عليه وسلم _ وأصحابه عامدين إلى سوق عكاظ وقد حيل بين الشياطين وبين خبر السماء وأرسلت عليهم الشهب فرجعت الشياطين إلى قومهم فقالوا ما لكم؟ قالوا: حيل بيننا وبين خبر السماء وأرسلت علينا الشهب ، فقالوا: ماذلك إلى من شئ حدث فاضربوا مشارق الأرض ومغاربها، فمر النفر الذين أُخذوا نحو تُهامة وهو ابن نخله عامدين إلى سوق عكاظ وهو يصلى بأصحابه صلاة الفجر فلما سمعوا القرآن استمعوا له فقالوا: هذا الذى حال بيننا وبين خر السماء فرجعوا إلى قومهم فقالوا: " إنا سمعنا قرآناً عجبا.يهدى إلى الرشد فأمنا به ولا نشرك بربنا أحداً " ( أخرجاه فى الصحيحين)
وقال أبو بكر بن أبى شيبه حدثنا محمد بن فضل عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جُبير عن ابن عباس .قال: إنه لم تكن قبيله من الجن إلا وله مقاعد للسمع فإذا نزل الوحى سمعت الملائكه صوتاً كصوت الحديده ألقيتها على الصفا ، قال فإذا سمعت الملائكه خروا سجداً فلم يرفعوا رؤسهم حتى ينزل فإذا نزل قال بعضهم لبعض : ماذا قال ربكم؟ فإن كان مما يكون فى السماء قالوا : الحق وهو العلى الكبير ، وإن كان مما يكون فى الأرض من أمر الغيب أو الموت أو شئ مما يكون فى الأرض تكلموا به فقالوا: يكون كذا وكذا فتسمعه الشياطين فينزلونه على أوليائهم ، فلما بعث النبى محمد _ صلى الله عليه وسلم- دُحروا بالنجوم فكان أول من علم بها ثقيف، فكان ذو الغنم منهم ينطلق إلى غنمه فيذبح كل يوم شاة،وذو الإبل فينحر كل يوم بعير، فأسرع الناس فى أموالهم فقال بعضهم لبعض: لا تفعلوا، فإن كانت النجوم التى يهتدون وإلا فإنه لأمر حدث، فنظروا فإذا هى النجوم التى يُهتدى بها كما هى لم يزل منها شئ فكفوا بها ، وصرف الله الجن فسمعوا القرآن فلما حضروه قالوا: أنصتوا، انطلقت الشياطين إلا إبليس فأخبروه، فقال: هذا حدث فى الأرض فأتونى من كل أرض بتربة فأتوه بتربة تهمامه فقال: هنا الحدث.
ورواه البهقى والحاكم من طريق حماد بن سلمه عن عطاء بن السائب. وقفال الواقدى: حدثنا أسامه بن زيد بن أسلم عن كعب قال: لم يرم بنجم منذ رفع عيسى حتى تنبأ رسول الله-صلى الله عليه وسلم- فرمى بها فرأت قريش أمرأً لم تكن تراه، فجعلوا يسبون انعامهم ويعتقون ارقاءهم يظنون أنه الفناء، فبلغ ذلك من فعلهم أهل الطائف، ففعل الثقيف مثل ذلك فبلغ عبد ياليل بن عمرو ما صنع الثقيف. قال:ولما فعلتم ما أرى؟ قالوا: رمى بالنجوم فرأيناها تهافت من السماء، فقال: إن إفادة المال بعد ذهابه شديد فلا تعجلوا وانظروا، فغن تكن نجوماً تعرف فهو عندنا من فناء الناس وإن كانت نجوماً لا تعرف فهو لأمر قد حدث، فنظروا فإذا هى لا تعرف، فأخبروه فقال: لأمر فيه مهله بعد هذا عند ظهور نبى.
فما مكثوا إلا يسيراً حتى قدم عليهم أبى سفيان بن حرب إلى أمواله فجاء هبد ياليل فذاكره أمر النجوم فقال أبو سفيان: ظهر محمد بن عبد الله يدعى أنه نبى مرسل ، فقال عبد ياليل : فعند ذلك رمى بها.
وقال سعيد بن منصور عن خالد بن حصيل عن عامر الشعبى.قال: كانت النجوم لا يرمى بها حتى بعث رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فسيبوا أنعامهم وأعتقوا رقيقهم. فقال عبد ياليل أنظروا فإن كانت النجوم التى تعرف فهو عند فناء الناس وإن كانت لاتعرف فهو لأمر قد حدث، فنظروا فإذا هى لاتعرف. قال: فأمسكوا فلم يلبسوا إلا يسيراً حتى جاءهم خروج النبى -صلى الله عليه وسلم-
وروى البيهقى والحاكم من طريق العوفى عن ابن عباس قال: لم تكن ثناء الدنيا تحرس فى الفترة بين عيسى ومحمد صلوات الله عليهما وسلامه. فلعل مراد من نفى ذلك أنها لم تكن تحرس حراسه شديدة، ويجب حمل ذلك على هذا لما ثبت فى الحديث من طريق عبدالرزاق عن معمر عن الزهرى عن على بن الحسي عن بن عباس- رضى الله عنهما-، بينا رسول الله-صلى الله عليه وسلم - جالس إذ رمى بنجم فاستنار فقال ( ما كنتم تقولون إذ رمى بهذا ؟ ) قال: كنا نقول: مات عظيم ، وولد عظيم فقال (لا ، ولكن )
وقال الواقدى : حدثنى محمد ابن صالح عن ابن ابي حكيم -يعنى اسحاق عن عطاء بن يسار عن ابى هريرة قال: لما بعث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- اصبح كل صنم منكسا، فأتت الشياطين فقالوا له: ما على الأرض من صنم إلا وقد أصبح منكسا ، قال: هذا نبى قد بعث فالتمسوه فى قرى الأرياف فالتمسوه فقالوا: لم نجده فقالوا: أنا صاحبه، فخرج يلتمسه فنودي، عليك بجنبة الباب يعنى مكة فالتمسه بها فوجده بها عند قرن الثعالب ، فخرج إلى الشياطين فقال إنى قد وجدته معه جبريل فما عندكم؟ قالوا:نزين الشهوات فى عين أصحابه ونحببها إليهم، قال فلا آسى إذاً.
قال الوقيدى: وحدثنى طلحه بن عمرو عن عطاء عن ابن عباس: كانت الشياطين يستمعون الوحى فلما بعث محمد -صلى الله عليه وسلم- منعوا فشكوا ذلك إلى إبليس فقال: لقد حدث أمر، فرقى فوق أبى قبيس وهو أول جبل وضع على وجه الأرض فرأ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصلى خلف المقام . فقال : أذهب فأكسر عنقهم. فجاء يخطر وجبريل عنده ، فركده جبريل ركده طرحه فى كذا وكذا، فولى الشيطان هارباً .
ثم رواه الواقدى وأبو أحمد الزبيرى كلاهما عن رباح ابن ابى معروف عن قيس بن سعد عن مجاهد وذكر مثل هذا وقال فركده برجله فرماه بعيداً