ولقد وقعت أحداث هامة ومعارك فاصلة في حياة المسلمين في شهر رمضان المبارك . ففيه كانت غزوة بدر الكبرى في السنة الثانية من الهجرة ، وفتح مكة سنة ثمان ، وأسلمت ثقيف في رمضان بعد قدوم الرسول _صلى الله عليه وسلم_ من تبوك. وكذلك كانت معركة بلاط الشهداء سنة 411هـ في شهر رمضان ، وكان فتح العمّوريّة في هذا الشهر المبارك سنة 223هـ .
والأحداث كثيرة في التاريخ الإسلاميّ ، تنبئ أنَّ شهر رمضان لم يكن شهر راحة واسترخاء . لقد كان شهراً جامعاً لأنواع الجهاد الذي شرعه الله لعباده المؤمنين . فالصيام جهاد النفس ومجاهدتها ، وكذلك قيام الليل . ومجاهدة النفس هي أول أبواب الجهاد في حياة المسلم ، جهاد يمتدُّ معه في حياته كلِّها وميادينه كلّها . ولذلك كان حديث رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ يرويه فضالة بن عبيد _رضي الله عنه_ :
6).
ويمتدُّ الجهاد في شهر رمضان المبارك ليبلغ بذل المال والنفس في سبيل الله في مجاهدة أعداء الله . فما كان شهر رمضان معطّلاً لطاقة من طاقات المسلمين في شتَّى الميادين ، وإنَّما كان يطلق طاقات المؤمنين على صراط مستقيم بيّنه الله لهم وفصّله ، وجعله سبيلاً واحدة وصراطاً مستقيماً ، حتى لا يضلَّ عنه أحد إلا الكافرون والمنافقون .
وكان أداء الشعائر في شهر رمضان والوفاء بها ، فرائض ونوافل ، ليلاً ونهاراً ، ينمّي طاقات المؤمنين لتنطلق في الأرض تبلّغ دعوة الله إلى الناس كافّة، وتجاهد في سبيل الله ، لتوفي بالأمانة التي حملها الإنسان ، والعبادة التي خُلِق لها، والخِلافة التي جُعِلَتْ له ، والعمارة التي أُمِرَ بها ليعمر الأرض بحضارة الإيمان .
كان أداء الشعائر أساساً حقيقيّاً يقوم عليه الوفاء بهذه المسؤوليات العظيمة في الأرض ، والتكاليف الربَّانيّة . كان المؤمنون يعون أنَّ تكاليف الإسلام لا تقف عند حدود الشعائر ، ولكنَّ الشهادتين والشعائر تقيم الأركان التي ينهض عليها الإسلام وتكاليفه :
فعن عبد الله بن عمر _رضي الله عنه_ عن الرسول _صلى الله عليه وسلم_ قال : ( بني الإسلام على خمس : شهادة أن لا إله إلا الله وأنَّ محمداً رسول الله ، وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وحج البيت وصوم رمضان )
[ رواه الشيخان وأحمد والترمذي والنسائي ](7)
كان المؤمنون المتقون الصادقون يعون هذه الحقائق ، ويعون أنّهم لم يُخْلقوا عبثاً ، وأنّهم لن يُتركوا سُدىً ، وأنَّ الله خلقهم لأداء مهمّة في الحياة الدنيا من خلال ابتلاء وتمحيص .
وكان فضل الله على عباده عظيماً ، حين فرض الشعائر على عباده المؤمنين ، لتكون مصدر القوة والطاقة للانطلاق إلى المهمّة العظيمة التي خلق الله الإنسان لها . وجعل مع هذه الشعائر الممتدّة مواسم تتجدّد . وكان صيام شهر رمضان من أعظم هذه المواسم ، صيام يتجدّد كلّ سنة ، مع نوافل في الصيام متجدّدة كلّ أسبوع أو كلّ شهر ، لتُغذّي طاقة المؤمنين لينطلقوا في الأرض . يوفون بالأمانة والعبادة والخلافة والعمارة .
ولا يقف الأمر عند ذلك ، ولكنّه يمتدُّ إلى أمور رئيسة عظيمة أخرى في حياة المسلمين بخاصّة وحياة البشريّة بعامّة . إنَّ أحكام صيام شهر رمضان المبارك تهدف في جملة ما تهدف إليه إشعار المسلمين في الأرض كلِّها أنَّها أمّة مسلمة واحدة ، تعبد ربَّاً واحداً هو الله الذي لا إله إلا هو ، وتدين بدين واحد هو الإسلام الذي لا يقبل الله ديناً غيره ، وتمضي على صراط مستقيم مشرق بالنّور ، بيّن بالآيات المفصَّلات ، أمّةً واحدةً رابطتها أُخوّة الإيمان ، الرابطة التي لا تعدلها رابطة في ميزان الإسلام :
" إنَّما المؤمنون إخوة … " [ الحجرات : 10 ]
" المسلم أخو المسلم لا يخونه ولا يكذبه ولا يخذله . كلُّ المسلم على المسلم حرام عِرْضه وماله ودمه . التقوى هاهنا ـ وأشار إلى القلب ـ بحسب امرئ من الشرِّ أنْ يحقر أخاه المسلم " [أخرجه الترمذي ](8)
وتتوالى الآيات الكريمة والأحاديث الشريفة لتؤكِّد هذه الحقيقة الهامة والقضية الخطيرة في حياة البشريّة كلِّها . وتأتي الأركان الخمسة الشهادتان والشعائر لتؤكِّد كلُّ واحدة منها هذه الحقيقة الهامّة مع سائر الحقائق الضرورية للمسلمين وللنَّاس كافَّة .
وقيام الأمة المسلمة الواحدة في الأرض صفّاً واحداً كالبنيان المرصوص ضرورة أساسيّة للوفاء بتبليغ رسالة الله إلى النَّاس كافّة ، ودعوتهم إلى الإيمان والتوحيد وإلى دين الله كما أُنزل على محمّد _صلى الله عليه وسلم_.
إن تبليغ هذه الرسالة العظيمة ودعوة النَّاس إليها وتعهّدهم عليها ، أصبح فرضاً على الأمّة المسلمة على كلِّ مسلم قادر وعلى الأمة كلّها ، ولا يفلح المسلم ولا الأمة بهذه القضيّة إلا إذا كان المسلمون أمة واحدة صفاً كالبنيان المرصوص.
"وَمَا مُحَمَّدٌ إِلا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ "
[ آل عمران : 144]
"وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ " [ آل عمران : 104 ]
وكذلك :
"إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفّاً كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ " [ الصف : 4]
إشراقة شهر رمضان المبارك تحمل في كلِّ سنة معاني كثيرة وحقائق هامّة من حقائق الإسلام الكبيرة . ونشير في هذه الكلمة الموجزة إلى الحقائق التي أوجزناها
والأحداث كثيرة في التاريخ الإسلاميّ ، تنبئ أنَّ شهر رمضان لم يكن شهر راحة واسترخاء . لقد كان شهراً جامعاً لأنواع الجهاد الذي شرعه الله لعباده المؤمنين . فالصيام جهاد النفس ومجاهدتها ، وكذلك قيام الليل . ومجاهدة النفس هي أول أبواب الجهاد في حياة المسلم ، جهاد يمتدُّ معه في حياته كلِّها وميادينه كلّها . ولذلك كان حديث رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ يرويه فضالة بن عبيد _رضي الله عنه_ :
6).
ويمتدُّ الجهاد في شهر رمضان المبارك ليبلغ بذل المال والنفس في سبيل الله في مجاهدة أعداء الله . فما كان شهر رمضان معطّلاً لطاقة من طاقات المسلمين في شتَّى الميادين ، وإنَّما كان يطلق طاقات المؤمنين على صراط مستقيم بيّنه الله لهم وفصّله ، وجعله سبيلاً واحدة وصراطاً مستقيماً ، حتى لا يضلَّ عنه أحد إلا الكافرون والمنافقون .
وكان أداء الشعائر في شهر رمضان والوفاء بها ، فرائض ونوافل ، ليلاً ونهاراً ، ينمّي طاقات المؤمنين لتنطلق في الأرض تبلّغ دعوة الله إلى الناس كافّة، وتجاهد في سبيل الله ، لتوفي بالأمانة التي حملها الإنسان ، والعبادة التي خُلِق لها، والخِلافة التي جُعِلَتْ له ، والعمارة التي أُمِرَ بها ليعمر الأرض بحضارة الإيمان .
كان أداء الشعائر أساساً حقيقيّاً يقوم عليه الوفاء بهذه المسؤوليات العظيمة في الأرض ، والتكاليف الربَّانيّة . كان المؤمنون يعون أنَّ تكاليف الإسلام لا تقف عند حدود الشعائر ، ولكنَّ الشهادتين والشعائر تقيم الأركان التي ينهض عليها الإسلام وتكاليفه :
فعن عبد الله بن عمر _رضي الله عنه_ عن الرسول _صلى الله عليه وسلم_ قال : ( بني الإسلام على خمس : شهادة أن لا إله إلا الله وأنَّ محمداً رسول الله ، وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وحج البيت وصوم رمضان )
[ رواه الشيخان وأحمد والترمذي والنسائي ](7)
كان المؤمنون المتقون الصادقون يعون هذه الحقائق ، ويعون أنّهم لم يُخْلقوا عبثاً ، وأنّهم لن يُتركوا سُدىً ، وأنَّ الله خلقهم لأداء مهمّة في الحياة الدنيا من خلال ابتلاء وتمحيص .
وكان فضل الله على عباده عظيماً ، حين فرض الشعائر على عباده المؤمنين ، لتكون مصدر القوة والطاقة للانطلاق إلى المهمّة العظيمة التي خلق الله الإنسان لها . وجعل مع هذه الشعائر الممتدّة مواسم تتجدّد . وكان صيام شهر رمضان من أعظم هذه المواسم ، صيام يتجدّد كلّ سنة ، مع نوافل في الصيام متجدّدة كلّ أسبوع أو كلّ شهر ، لتُغذّي طاقة المؤمنين لينطلقوا في الأرض . يوفون بالأمانة والعبادة والخلافة والعمارة .
ولا يقف الأمر عند ذلك ، ولكنّه يمتدُّ إلى أمور رئيسة عظيمة أخرى في حياة المسلمين بخاصّة وحياة البشريّة بعامّة . إنَّ أحكام صيام شهر رمضان المبارك تهدف في جملة ما تهدف إليه إشعار المسلمين في الأرض كلِّها أنَّها أمّة مسلمة واحدة ، تعبد ربَّاً واحداً هو الله الذي لا إله إلا هو ، وتدين بدين واحد هو الإسلام الذي لا يقبل الله ديناً غيره ، وتمضي على صراط مستقيم مشرق بالنّور ، بيّن بالآيات المفصَّلات ، أمّةً واحدةً رابطتها أُخوّة الإيمان ، الرابطة التي لا تعدلها رابطة في ميزان الإسلام :
" إنَّما المؤمنون إخوة … " [ الحجرات : 10 ]
" المسلم أخو المسلم لا يخونه ولا يكذبه ولا يخذله . كلُّ المسلم على المسلم حرام عِرْضه وماله ودمه . التقوى هاهنا ـ وأشار إلى القلب ـ بحسب امرئ من الشرِّ أنْ يحقر أخاه المسلم " [أخرجه الترمذي ](8)
وتتوالى الآيات الكريمة والأحاديث الشريفة لتؤكِّد هذه الحقيقة الهامة والقضية الخطيرة في حياة البشريّة كلِّها . وتأتي الأركان الخمسة الشهادتان والشعائر لتؤكِّد كلُّ واحدة منها هذه الحقيقة الهامّة مع سائر الحقائق الضرورية للمسلمين وللنَّاس كافَّة .
وقيام الأمة المسلمة الواحدة في الأرض صفّاً واحداً كالبنيان المرصوص ضرورة أساسيّة للوفاء بتبليغ رسالة الله إلى النَّاس كافّة ، ودعوتهم إلى الإيمان والتوحيد وإلى دين الله كما أُنزل على محمّد _صلى الله عليه وسلم_.
إن تبليغ هذه الرسالة العظيمة ودعوة النَّاس إليها وتعهّدهم عليها ، أصبح فرضاً على الأمّة المسلمة على كلِّ مسلم قادر وعلى الأمة كلّها ، ولا يفلح المسلم ولا الأمة بهذه القضيّة إلا إذا كان المسلمون أمة واحدة صفاً كالبنيان المرصوص.
"وَمَا مُحَمَّدٌ إِلا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ "
[ آل عمران : 144]
"وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ " [ آل عمران : 104 ]
وكذلك :
"إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفّاً كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ " [ الصف : 4]
إشراقة شهر رمضان المبارك تحمل في كلِّ سنة معاني كثيرة وحقائق هامّة من حقائق الإسلام الكبيرة . ونشير في هذه الكلمة الموجزة إلى الحقائق التي أوجزناها